السبت، 2 يوليو 2011

العلمانية والإسلام ....

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع اعجبنى فاحببت ان انقله لكم  لتعرفو ماهية العلمانية التى ابلانا بها الله
فيما يلي بعض النقاط الهامة التي وردت في كتاب ( الإسلام والعلمانية وجها لوجه) للدكتور يوسف القرضاوي على هيئة سؤال وجواب حتى تسهل الاستفادة منها .

ما هو تعريف العلمانية؟

تقول دائرة المعارف البريطانية مادة (secularism) : وهي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا و التأمل في الله واليوم الآخر وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت ال(secularism) تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة
ويقول معجم أكسفورد شرحا لكلمة (secular) :
1- دنيوي أو مادي ليس دينيا ولا روحيا مثل التربية اللادينية الفن أو الموسيقى اللادينية السلطة اللادينية الحكومة المناقضة للكنيسة
2- الرأي الذي يقول : أنه لا ينبغي أن يكون الدين أساسا للأخلاق والتربية .

ما هي مبررات ظهور العلمانية في الغرب المسيحي؟

1- المسيحية تقبل قسمة الحياة بين الله وبين قيصر :
إن المسيحية –نفسها- تحتوي من النصوص ما يؤيد فكرة العلمانية أي الفصل بين الدين والدولة أو بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية .
وهذا واضح في قول المسيح (عليه السلام ) كما يرويه الإنجيل : أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله

2- المسيحية ليس فيها تشريع لشئون الحياة :
ومن ناحية أخرى لا تملك المسيحية تشريعا مفصلا لشئون الحياة يضبط معاملاتها وينظم علاقاتها ويضع الأصول والموازين القسط لتصرفاتها إنما هي روحانيات وأخلاقيات تضمنتها مواعظ الإنجيل وكلمة المسيح فيه على خلاف الإسلام الذي جاء عقيدة وشريعة و وضع الأصول لحياة الإنسان من المهد إلى اللحد (( ونزلنا عليك الكتاب ، تبيانا لكل شئ ، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ))
وهذا ما تضمنه (الفقه الإسلامي) الذي ضم في جنباته كل ما يتعلق بحياة الفرد المسلم والمجتمع المسلم من كتاب ( الطهارة) إلى كتاب (الجهاد) ومن آداب الأكل والشرب إلى بناء الدولة .
أما المسيحي فليس عنده مثل هذا التشريع يرجع إليه ويحكم به أو يحتكم إليه. فالمسيحي إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيرا ولا قليلا لأنه لا يعطل قانونا فرضه عليه دينه ولا يشعر بالتناقض بين عقيدته وواقعه كما يشعر به المسلم الذي يوجب عليه إيمانه بالله ورسوله الاحتكام إليهما فيما شرعا والسمع والطاعة لما أمرا به أو نهيا عنه (( إنما كان قول المؤمنين ، إذا دعوا إلى الله ورسوله ، ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ، وأولئك هم المفلحون ))

3-ليس للإسلام سلطة دينية بابوية :
على أن العلمانية إذا فصلت دين المسيحي عن دولته لا يضيع دينه ولا يزول سلطانه لأن لدينه سلطة بالفعل قائمة لها قوتها وخطرها ومالها ورجالها .
فهناك سلطتان بالفعل في المسيحية : السلطة الدينية ويمثلها البابا ورجال (الإكليروس) والسلطة الدنيوية ويمثلها الملك أو رئيس الجمهورية ورجال حكومته وأعوان سلطته .
فإذا انفصلت الدولة عن الدين هناك بقى الدين قائما في ظل سلطته القوية الغنية المتمكنة وبقيت جيوشها (من الرهبان والراهبات والمبشرين والمبشرات) تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية له ولا كهنوت ولا (إكليروس) وهذا ما حدث في تركيا المسلمة حين أعلن كما أتاتورك علمانية الدولة وفصلها عن الدين وفصل الدين عنها كما فصل ذلك الكاتب المغربي المسلم الأستاذ إدريس الكتاني في كتابه (المغرب المسلم ضد اللادينية) يقول الأستاذ : إن التجربة التركية خلال 30 عاما (أكثر من 60 عاما الآن) أقامت الدليل على أن تطبيق هذا النظام في دولة إسلامية معناه القضاء على الإسلام كعقيدة حية مزدهرة ورسالة إنسانية خالدة ذلك أن تجريد الحكومة من السلطة الدينية ومن صبغة الدين – مع العلم أنه لا يوجد في المجتمع الإسلامي من يمثل هذه السلطة كما هو الشأن في المسيحية –لا يعني إلا انقراض سلطة الدين بالمرة وهذا عين ما حدث في تركيا فإن الكماليين عندما فصلوا دولتهم عن كل سلطة( دينية) لم يكونوا راغبين فعلا في وجودها ولذلك عمدوا إلى إنشاء إدارة صغيرة للشئون الدينية تشرف على المساجد وهي المظهر الوحيد الذي بقي للإسلام في تركيا .
ومن البديهي أن هذه الإدارة لم تكن لها أية سلطة دينية لأنها في الواقع مصلحة دينية صرفة ولا يمكن – بحال من الأحوال – مقارنة نفوذ هذه الإدارة بسلطة (البابا) الروحية العظيمة في العالم المسيحي وسلطاته المستقلة –تماما- في إدارة الكنائس والمؤسسات والمصالح المسيحية كلها .
ومن هذا يتضح لنا أن نظام (لا دينية الدولة) إذا كان ينسجم مع المسيحية ولا يقضي على سلطتها وإنما يحدد اختصاصاتها بالنسبة للسلطة الدنيوية فإن هذا النظام يتعارض –تماما- مع طبيعة الإسلام ويكون خطرا مباشرا عليه كشريعة كاملة للحياة ويحيله إلى عاطفة وجدانية نائمة في قلوب الناس.

4-تاريخ الكنيسة غير تاريخ الإسلام:
تاريخ الكنيسة في ذهن الإنسان الغربي المسيحي يعني الاضطهاد والقتل ومحاكم التفتيش والمذابح المستمرة بين الطوائف المتنازعة بعضها وبعض وعودة السلطة إليها تعني عودة هذه المآسي فلا غرو أن ينفر الإنسان الغربي منها ويقف في سبيل حكمها وتسلطها

هل نجحت العلمانية في ديار الإسلام؟

فشل العلمانية في ديار الإسلام
من أجل هذا لا يتصور للعلمانية أن تنجح في بلد إسلامي لأنها مناقضة لطبيعة الإسلام.
كل ما تفعله العلمانية أنها تحاول تغيير طبيعة الأمة واتجاهها والأمة لا تستجيب لها حيث ترفض أجهزة المناعة في كيانها زرع هذا الجسم الغريب في داخلها وتقاومه بكل قوة فينشأ بين الحكم العلماني وبين الأمة المسلمة صراع يظهر حينا ويختفي أحيانا ويمتد يوما وينكمش يوما آخر ولكنه صراع باقي مستمر .

والاتجاه العلماني على كل حال يعوق انطلاق الأمة بكل طاقاتها لأنه غريب عنها دخيل عليها

وأبرز بلد إسلامي حكمته العلمانية هو تركيا بلد الخلافة الإسلامية الأخيرة ...فهل استطاع أتاتورك وخلفاؤه من بعده ومعهم الدستور والقوانين والتعليم والإعلام والجيش والشرطة ومن ورائهم الغرب بكل جبروته وقوته أن يجتثوا جذور الأفكار الإسلامية والمشاعر الإسلامية والتطلعات الإسلامية والقيم الإسلامية من حياة الشعب التركي المسلم؟
الواقع الذي يشهده كل من زار تركيا في السنين الأخيرة تشهد به المساجد المزدحمة بالمصلين من كل الأجيال وتشهد به المدارس القرآنية التي تعد بالآلاف وتشهد به معاهد الأئمة والخطباء ويشهد به انتشار الكتب الإسلامية .

هل تعني العلمانية استخدام العلم والعقل ؟

العلمانية والعلمية
انتهز بعض العلمانيين فرصة الترجمة الخاطئة لكلمة ( العلمانية) محاولين أن يجعلوها مرادف ل( العلمية ) وقالوا أن العلمانية تعني استخدام العلم والعقل موهمين بذلك أو مصرحين بأن الإسلام ضد العقل والعلم.

ما هو الدليل على أن الإسلام يهتم بالعلم ويقدره ؟

ونحن المسلمين أولى الناس باحترام العلم وتبني العلمية في كل أمورنا فالدين عندنا علم والعلم عندنا دين
ولم يعرف تراثنا صراعا بين الدين والعلم كما عرفه الغرب .

1- وحسبنا أن أول سورة نزلت في القرآن بدأت بقوله تعالى (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ))

وثاني سورة نزلت بدأت بقوله (( ن ، والقلم وما يسطرون ))

والقرآن ينشئ ( العقلية العلمية ) التي تعتبر التفكر عبادة والعلم فريضة وترى الإنسان والتاريخ والكون كله مسرحا للنظر والتأمل (( وفى الأرض آيات للموقنين ، وفى أنفسكم ، أفلا تبصرون ))
(( قل سيروا فى الأرض ، فانظروا كيف بدأ الخلق ))
(( أو لم يسيروا في الأرض ، فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ))
(( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ، أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور))

العقلية التي لا تقبل دعوى بغير برهان يثبت صحتها و إلا فدعواه مردودة عليه كائنا ما كان (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ))

إنها العقلية العلمية التي تطلب البرهان اليقيني في العقليات وصدق التجربة في الحسيات وصحة النقل في المرويات (( ائتوني بكتاب من قبل هذا ، أو أثارة من علم ، إن كنتم صادقين ))

وحسبنا أن القرآن نوه بالعلم وأشاد بآثاره في عدد من قصص الأنبياء الكرام فهو في قصة آدم المرشح الأول لخلافة الإنسان في الأرض وبه أثبت آدم تفوقه على الملائكة المقربين .

وهو في قصة يوسف الذي أنقذ الله به مصر وما حولها من المجاعة الماحقة نتيجة التخطيط الاقتصادي الزراعي الحكيم

وهو في قصة سليمان الذي استطاع به صاحبه (( الذي عنده علم من الكتاب )) أن يحضر به عرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام قبل أن يرتد إليه طرفه .

2- وفي السنة نرى النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على الأوهام والخرافات التي يعتمد عليها الكهنة و العرافون في الجو الوثني

كما أنكر بشدة الاعتماد على التمائم و الأحجبة ونحوها دون أن يبحث عن الدواء المناسب له معلنا : أن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه ، جهله من جهله .

ونرى الرسول الكريم ينزل عن رأيه الخاص إلى رأي الخبراء كما في موقعة بدر ونزوله إلى رأى الحباب بن المنذر .

ونراه عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة إلى المدينة يبادر بعمل ( إحصاء ) للمؤمنين به ليعرف منه مدى القوة الضاربة لديه فقال ( أحصوا لي عدد من يلفظ بالإسلام ) فأحصوا له فكانوا ألفا وخمسمائة رجل كما رواه البخاري .

3- والاتجاه العلمي أو العقلانية في الإسلام أمر واضح ثابت اعترف به كل منصف ممن اطلع على شيء من تعاليم الإسلام الأصيلة في مصادرها النقية ولو من غير المسلمين بل من بعض من اتخذوا موقفا ضد الإسلام.

* فهذا الكاتب الماركسي ( مسكيم رودنسون) يقول في حديثه عن العقيدة القرآنية :
القرآن كتاب مقدس تحتل فيه العقلانية مكانا جد كبير فالله لا ينفك فيه يناقش ويقيم البراهين بل إن أكثر ما يلفت النظر هو أن الوحي نفسه - هذه الظاهرة الأقل اتساما بالعقلانية في أي دين ، الوحي الذي أنزله الله على مختلف الرسل عبر العصور وعلى خاتمهم محمد – يعتبره القرآن هو نفسه أداة للبرهان فهو في مناسبات عديدة يكرر لنا أن الرسل قد جاءوا بالبينات وهو لا يألو يتحدى معارضيه أن يأتوا بمثله .

والقرآن ما ينفك يقدم البراهين العقلانية على القدرة الإلهية ففي خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار وتوالد الحيوان ودوران الكواكب والأفلاك وتنوع خيرات الحياة الحيوانية والنباتية تنوعا رائع التطابق مع حاجات البشر آيات لأولى الألباب.

وفعل (عقل) ( بمعنى ربط الأفكار بعضها ببعض ... حاكم البرهان العقلي ) يتكرر في القرآن حوالي خمسين مرة ويتكرر ثلاث عشرة مرة هذا السؤال الاستنكاري وكأنه لازمة (( أفلا تعقلون))

ويستمر الكاتب في بيان عقلانية الإسلام مقارنا هذا بما جاء في العهدين القديم والجديد لليهود والمسيحيين إلى أن يقول ( في مقابل هذا تبدو العقلانية القرآنية صلبة كأنها الصخر).

* يقول العلامة رينيه ميليه :
لقد جاء المسلمون جميعا في البحث بجديد : مبدأ يتفرع من الدين نفسه وهو مبدأ التأمل والبحث وقد مالوا إلى العلوم وبرعوا فيها وهم الذي وضعوا أساس علم الكيمياء وقد وجد منهم كبار الأطباء .

* ويقول المؤرخ الفيلسوف الاجتماعي الشهير جوستاف لوبون :
إن العرب هم الذين علموا العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين.

ليست هناك تعليقات: